الخميس، 18 سبتمبر 2008

نحو الأميه

لاريب أنه اعلان شديد الذكاء ,ذلك الاعلان الذي يحث الشباب ألا"يفوته القطار" وأن يكف عن" السلبيه" ويلتحق بأي عمل أيا كان حتي ولوكان ذلك العمل يدويا بسيطا ولا يكافىء مستواه التعليمي ......
والحقيقه انه للوهلة الأولي يبدو ذلك الكلام منطقيا اذ أن العمل أي عمل هو بالتأكيد أفضل من "لا عمل"...
ومع ذلك فان كل من شاهد الاعلان ـ عدا صانعيه بالطبع ـ قد انتابه عدم الارتياح وعلق الكثيرون علي هذا الأمر فمن قائل بأن هؤلاء الشباب ذوي التعليم العالي ثروة لايجوز التفريط فيها وأن امتهانهم لمهن ـ مع كامل الاحترام لأصحابها ـ
أقل من مستوي تعليمهم هو اهدار كامل لطاقاتهم فكان الرد الاعلاني هو كما قلت انهم علي اي حال جالسين دون عمل
وأن اي عمل هو أفضل من "جلوسهم علي المقهي" تزامن ذلك مع طوفان من التصريحات الحكومية التي تزدري مستوي الخريجين وتحقر من امكاناتهم العلمية والتقنية فيخرج وزير الصحة ـ مثلا ـ ليصف خريجي الطب ـ وأنا طالب الطب القديم ـ بأنهم غير أكفاء لم يقم أحدهم يوما بتشريح جثة ولا يعرف احدهم كيف يتعامل مع الحاسب وكاننا قد عرضت علينا الجثث فأبينا تشريحها أوتوفرت لنا الحواسب فحطمناها !
كل هذا مع كلام مستمر عن فصل التعليم الثانوي عن الجامعي بحيث تصبح الثانويه شهاده منتهيه وكلام اخر عن" مفهوم
جديد لمجانية التعليم " يعني كما قال الدكتور نظيف يوما "أنه لن يحرم أحد من التعليم بسبب مستواه المادي " والذي فهمته
من كل هذا الاتي :
أن التعليم الجامعي مستواه ردىء جدا .
أنه لاقيمة للشهادة الجامعية.
أنه لا توجد فرصة عمل لأصحاب الشهادات الجامعيه.
..... والنتيجه ؟!
النتيجه انه لاقيمة للتعليم برمته اذ أن العمل اليدوي يمكن ان تتقنه دون الحاجه الي شهادة وأنه بهذا المنطق لا تضيع وقتك
في التعليم اذ ان تعلمك لحرفه كالنجارة مثلا أجدي وأنفع باختصار :العودة بالمصريين لعصر ما قبل الكتابة .

هناك تعليقان (2):

غير معرف يقول...

إذا كانت كل البلد أطباء ومهندسين ، من سيزرع الأرض؟ ومن سيصلح سيارتك إذا تعطلت؟ ومن سيرصف الطرق؟ ومن سيصلح مواسير الصرف إذا انسدت؟

هناك حكمة إلهية عظيمة اسمها التكافل symbiosis

هذه حكمة إلهية وليست اختراع بشري :

أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ ۚ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۚ وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا ۗ وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (الزخرف 32)


من الوقاحة بالطبع أن تطلب من خريج جامعي أن يقوم بعمل يدوي ، لكن الخطأ من الأصل في رأيي هو الإصرار على إرسال جميع الطلبة إلى الجامعة ، مصر بحاجة كبيرة إلى المزيد من الأيدي العاملة الماهرة ، وليست بحاجة إلى مزيد من الخريجين صوريًا أميين فعليًا. لنترك العمل اليدوي لمن أهو أفضل فيه ، ولنترك العمل الفكري لمن هو أفضل فيه.

almeshkat يقول...

وهل من المطلوب ان يكون العامل اليدوي أميا؟وانا لااطالب ان يكون كل البلد اطباء ومهندسين والغير مؤهلين للتعليم العالي يتركونه دون ندم فالبلد بالفعل تمتلىء بالفلاحين والنجارين وعمال مواسير الصرف!