الأربعاء، 18 مارس 2009

رجل حمار! "قصه قصيره"

عندما دخل الي العيادة لم يكن المكان كما كان يتوقعه بالضبط ....
لقد توقع سوءاً لما يعلمه وخبره جيدا عن المصالح الحكومية ،ولكن ما شاهده كان اسوأ بكثير!
كانت الفوضي تضرب ارجاء المكان،يوجد مكتب خشبي متهالك تراصت عليه دفاتر عديدة صار مسئولاً عن ملئها كما بشرته الممرضه ،في جانب الحجرة يوجد سرير عتيق بجانبه حامل صديء كما يوجد في الجانب المواجه جهاز الاستنشاق (النيبيوليزر)الخاص بمرضي الازمات التنفسيه وبجواره كرسي بلاستيكي ...
عندما سأل الممرضه عن السماعه وجهاز قياس الضغط اخبرته بمكان السماعه واخبرته ان جهاز الضغط للا سف قد تلف وتسرب منه الزئبق وبشرته بأنها قد قدمت طلبا لاستحضار واحد ،سألها :منذ متي؟فأجابته ان هذا كان منذ شهرين !
الارض تكسوها طبقة خفيفه ـ ولكنها قبيحه ـ من التراب ،والعناكب تعشش في اركان الحجرة الاربعة ،شعر بالدوار وبآلام الحموضه العتيده فجلس علي الكرسي خلف المكتب،الذي اصدر أزيزاً مزعجاً،وضع رأسه بين كفيه وقال لنفسه ان هذا الوضع ليس بالضبط هو ما كان يحلم به عندما التحق بكلية الطب....
لم تطل افكاره كثيرا اذ دلف احد المرضي الي العيادة وكان يشكو من خراج بباطن قدمه،ترك افكاره مؤقتاً ونهض الي الرجل وقام بتفريغ الخراج بما تيسر له ونصح المريض بمعاودته يوميا للتغيير عليه،شكره الرجل كثيراً ،وسعد الطبيب كثيرا فيما تلي ذلك من الايام وهو يراقب جرح الرجل اذ يلتئم والمه اذ يخف تدريجياً ،وذات ليله عزم علي امر ما نفذه في الصباح ...
كان قد احضر جهاز الضغط الخاص به الي الوحدة ،وحضر مبكراً الي الوحده وتعاون مع الممرضه في كنس المكان وتخليصه من طبقة التراب الازليه ومن شباك العنكبوت المزمنه،وعندما جلس علي مقعده شعر براحة عجيبة....

جيوسيب تورناتوري عندما تشاهدافلاما كلها رائعة 3

فيلم مالينا يحدثنا عن المجتمع عندما يكون شديد القسوة ،عن الناس عندما لا يرحمون،الرجال لا يستطيعون النيل من مالينا المتعالية عليهم والمعتصمة بحبها واخلاصها لزوجها ،والنساء يحقدن عليها لأنهن لسن في جمالها ولانهن لا يستطعن جذب قلوب الرجال مثلها ..فينتقمون منها بالاساءة اليها ،يلعنونها بألسنتهم بينما قلوبهم تقدسها،يثيرون حول سمعتها الاقاويل وهم يتمنون ان يصدق ما يقولون فينالوا الثمرة المحرمة...
يحدثنا الفيلم عن هذا الصنف من المجرمين الذي يصنعه مجتمعه صنعا ....
فيلم سينما باراديسو هو افضل الافلام الثلاثه واروعها ـ فيما اري ـ وهو من افضل ما شاهدت في حياتي من افلام ،ولا اجد تعليقا افضل من ذلك الذي نشره احدهم علي موقع الIMDB : "هناك افلام صنعت لتثير الخوف وافلام صنعت للتشويق ،اما هذا الفيلم فقد صنع لاثارة المشاعر"
انه فيلم عن الحب الاول وعن ذكريات الطفولة وعن احبابنا الذين فارقناهم او فارقونا....و طبعا عن سحر السينما الذي لا يضاهي ،باختصار هوفيلم عن كل الذكريات الجميلة التي ذهبت ولن تعود!

الاثنين، 9 مارس 2009

جيوسيب تورناتوري عندما تشاهد افلاما كلها رائعة 2

فيلم اسطورة1900 تدور حبكته حول انسان حياته كلها من الميلاد الي الممات علي السفينه (فيرجينيان) من اللحظة التي يجده فيها داني بودمان ـ احد العمال علي السفينه ـ رضيعا وحيدا بعد ان تركه اهله ،الي اللحظه التي يموت فيها ...
يبدي الطفل المدهش ـ الذي اطلق عليه داني اسم1900 تيمنا بالتاريخ الذي وجده فيه ـ استعدادا هائلا لتعلم القراءة والكتابة ثم لتعلم اهم ما سيميزه بعد ذلك علي الاطلاق ..عزف البيانو..
يتقن 1900 العزف والتأليف علي البيانو الي حد الاعجاز ،هنا يدخل دور اينيو موريكوني الذي يضع لهذا الفيلم مجموعه من اروع المعزوفات واروعها علي الاطلاق ،ويخبرنا الفيلم ان اليتيم ليس هو الطفل الذي يفقد والديه ولكنه ذلك الشخص الذي لاولد له ، كما يعبر في عذوبة فائقه عن تقديره للامهات واعتبارهن ( من أفضل الخيول علي الاطلاق )!
من الامور الاخري الملحوظه في افلام تورناتوري هو ذلك الاهتمام بدور الاباء والامهات في حياة ابطال افلامه ،للوهلة الاولي يبدو الاب او الام قاسيا علي اولاده ولكنك سرعان ما تكتشف ان تلك القسوة هي لصالح الابن وليس لأذاه ،قسوة قد لا يفهمها الابن في حينها ولكنه فيما بعد سيجدها مبررة تماما ،فالام في فيلم سينما باراديسو تعاقب ابنها مرارا بسبب تعلقه الشديد بسينما باراديسو و(الفريدو) الموظف الذي يقوم بعرض الافلام ،الا انها فيما بعد تبارك رحيله عن البلدة وعنها كي يبحث عن تحقيق نجاحه الشخصي ،بل وتسامحه تماما عندما يهجرها لمدة ثلاثين عاما واكثر وتنسي كل شيء عندما يعود اليها وتأخذه في احضانها في مشهد شديد الدفء ...
كما نجد الاب الذي لا يكف عن ضرب ولده لتبذيره واهماله ،هو ذاته الذي يتعاطف مع ولده المراهق الذي يتعذب برغباته ويقوده الي تجربته الاولي برغم القصف المتواصل علي بلدهم..
ويبدو ايضا ان مخرجنا من كارهي الحرب اذ لا يخلو فيلمي مالينا وسينما باراديسو من الاشارة اليها والي اهوالها وكيف تركت الحرب في كل منزل زوجة وايتاما جائعين ،ثم كيف خلفت بعد ذلك مجموعة من المعوقين وذوي العاهات."يتبع"

الاثنين، 2 مارس 2009

جيوسيب تورناتوري ...عندما تشاهد افلام كلها رائعة!

شاهدت مؤخراً ثلاثة أفلام للمخرج الايطالي جيوسيب تورناتوريGiusseppe Tornatoreهي اسطورة 1900 The legend of 1900 وسينما باراديسو الجديدة Nouvou cinema paradiso ومالينا Malena ،قبل أن اشاهد اول هذه الافلام ـ اسطورة 1900ـ كنت قد قرأت تعليقا علي احد المواقع يصفه بأنه الدواء الناجع لكل أوجاعك!
والحق أن هذا الشعور كان صادقاً الي حد بعيد خاصة بعد أن شاهدت الفيلم الرائع سينما باراديسو الجديدة الذي شعرت فيه بنشوة لم أشعرها بعد مشاهدة أي فيلم آخر ...
شأني مع أفلام تورناتوري هو كشأن الواحد منا عندما يظل يبحث طويلاً عن حبيبته التي طالما رسم صورتها في خياله ولايجدها ،يصفون له هذه الفتاة أو تلك ويعددون مزاياها ويخبرونه انها هي هي التي يبحث عنها وعندما يقترب منها يجد انه لم يصل بعد وهكذا وبعد طول انتظار وبحث يجدها ،كذا الامر معي ! فأنا علي كثرة ما شاهدت من افلام فإن أقل القليل منها هو ما ترك اثراً في روحي ،وأنا منذ فترة طويلة ابحث عن فيلم يحرك مشاعري ،فأكون بعده مختلفا عما كنت قبله واستعيد المشاعر الرائعة التي انتابتني بعد مشاهدة افلام ك Shawshank Redemption و الجزء الثاني من فيلم العراب the god father دون جدوي ،صحيح أنني شاهدت العديد من الافلام الجيده لكنها لم تحقق طموحي ،حتي عثرت أخيرا علي الافلام الثلاثة السالفة الذكر ...
يمكننا أن نلاحظ سمات مشتركة في الافلام الثلاثه ،كلها تدور في أماكن محدودة : قرية صقلية صغيره كما في فيلمي سينما باراديسو ومالينا ، او علي ظهر سفينه كما في فيلم اسطورة 1900 ،الافلام الثلاثه تبدأ بشخص يتذكر وقائع حدثت في ماضي حياته ؛يتذكر المخرج الكبير دي فيتا سالفاتوري صداقته المدهشه بالعجوز الفريدو بعدما سمع بنبأ وفاته في فيلم سينما باراديسو ،ويتذكر ريناتو فترة مراهقته في فيلم مالينا ، ويتذكر ماكس توني عازف الترومبيت الفقير المفلس صديقه 1900 ـ نعم اسمه 1900!ـ في فيلم اسطورة 1900،الحقيقة ان الافلام الثلاثة بهذا الشكل تعبر تعبيرا صادقا عن الحنين الي الماضي وسنوات الطفولة والشباب ، الافلام الثلاثة ايضاً تدور احداثها في اثناء الحرب العالمية الثانية وهو امر ادهشني للغايه بعدما علمت ان المخرج نفسه قد ولد في عام 1956 ، لا يفسر ولع المخرج بهذه الفترة من وجهة نظري الا ذلك الولع المشبوب بالحنين الي الماضي وعشق كل ماهو قديم ،وهو امر اشترك معه فيه وربما لهذا فقد عشقت الافلام الثلاثة ،اضف الي كل هذا ان من وضع الموسيقي التصويرية للافلام الثلاثة العبقري اينيو موريكوني ـ ان لم تكن تعرفه اقول لك انه هو من وضع موسيقي الطيب والشرس والقبيح الشهيرة ـ مما جعل منهذه الافلام في رأيي تحفاً رائعة ..."يتبع"