مشهد:
السائحه الأجنبيه تنظر من نافذة الحافله نظرة حالمه وفجأة ..... يقترب من الحافله ، بل ومن السائحه بالذات ،سائق سيارة نقل بادي السماجه وهو يغمز للسائحه ويخدش مشاعرها المرهفه بألفاظ المعاكسه الوقحه :يا جميل يا ابيض يا حلو ....الخ .والسائحه يبدو عليها الضيق الشديد والتأفف وفي اثناء وصلة الغزل هذه يفقد السائق سيطرته علي عجلة القياده ومن ثم تنقلب السيارة ويذهب السائق الي المستشفي ويخسر مصدر رزقه جزاءا وفاقا لوقاحته مع السائحه التي تنقلنا الكاميرا اليها وهي تنزل من الحافله والضيق يشيع في وجهها الجميل وهي تقول أن شيئا كهذا لم يحدث لها في أي مكان آخر ثم يأتينا صوت المعلق كي ينقل لنا الحكمه الأساسيه "مش انت لوحدك اللي هتنضر كلنا حننضر" ،
علي نفس الشاكله يأتينا اعلان آخر يقوم ببطولته نفس الممثل وهو يحاول ان يبيع سلعة ما لأحد السياح بضعف ثمنها فيكشف السائح ،الأريب،الخدعه فيخبر صاحب العمل الذي يطرد عامله الغشاش فورا فيخبرنا السائح أن تصرفات كهذه تعطيه انطباعا "سيئا جدا" عن مصر ثم ينزل صوت المعلق كالعاده أنه "مش انت لوحدك اللي ....."
تنهانا هذه الاعلانات عن المعاكسه ولكن ليست اي معاكسه بل تلك التي تتعلق فقط بالسائحات ولأسباب لا علاقة لها بالأخلاق بل لأن هذا يضايق الاجانب وبالتالى يدعوهم لعدم زيارة مصر مرة أخري مما يعني حرمانك من مصدر رزقك "انت هتنضر" وحرمان مصر كلها من عائد السياحة "كلنا حننضر"، كما أن الغش كما هو واضح في الاعلان مكروه لا لشيء الا لأنه أعطي السائح انطباعا "سيئا جدا" عن مصرمما سيوصلنا الي نفس النتيجه أنه "كلنا حننضر"معني هذا أنه لابأس بمعاكسة المصريات اذ أنهن بعكس" سيداتهن "الأجانب لايملكون خيار الذهاب الي مكان آخر غير مصر ،كما أن غش المصريين أيضا لا بأس به لنفس السبب،لاتهم الأخلاق ..لاتهم المباديء ...بل ان السائح نفسه لايهم في حد ذاته فأهميته تنحصر فيما يدفعه.
أوليس هذا امتدادا للنغمه السائده منذ أعوام عن النمو والتنميه كل شيء يهون الا التنميه ،ولفظ التنميه نفسه لايعني في الوجدان الا المال ،والحروب التي خاضتها مصر كل مشكلتها أنها عطلت التنميه ، وبالتالي فالسلام مع اسرائيل والموافقه علي غزو العراق وافغانستان جيد لأنه يشجع التنميه، وصحف المعارضه سيئه لأنها تخيف المستثمرين وبالتالي تؤدي الي "تباطؤ النمو"
وفي أثناء هذا لاشيء يهم فقط المال ،أيا كان اسمه: السياحه..التنميه،هو مايهم ومن أجل المال لايهم أن يساق الآلاف من شباننا وفتياتنا للعمل بالبارات وهم كارهون لايدفعهم الا الحاجه ،ومن أجل المال لايهم أن تفتتح عندنا شواطيء العرايا ،ومن أجل المال لابأس أن تتحول البلاد الي حديقة حيوان كبيره او الي مزار سياحي كبير كي يستمتعوا بشواطئنا وملاهينا ويقتصر دورنا نحن علي خدمتهم ورعايتهم و..و،بالتأكيد،عدم معاكسة نسائهم أو غشهم لأنه "مش انت لوحدك اللي حتنضر ....كلنا حننضر"
4-أضحَكَ وأبكَيَ
قبل 16 عامًا

هناك تعليقان (2):
في اعتقادي أن هذه الإعلانات -بالإضافة إلى ابتذالها و سطحيتها - هي أكبر ضربة للسياحة في الحقيقة ، السياحة العربية على الأقل
ودعك من أن الإعلان يعطي إنطباع للأجانب أن معظم المصريين من هذه النوعية "السئيلة".
وما فائدة أن تقول السائحة بالإنجليزية "this's never happened to me anywhere else" ؟ هل هذه الجملة موجهة للمصريين أم للأجانب؟ إن كانت موجهة للمصريين فلماذا هي باللغة الإنجليزية؟ وإن كانت موجهة للأجانب فماهو وقع مثل هذا الإعلان حيث يرون المصري يتصرف بغتاتة لا مثيل لها ثم الجملة الوحيدة التي يفهمونها هي أن هذا لا يحدث سوى في مصر. ياله من إعلان عبقرى!
إرسال تعليق